خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

أبناؤنا أبطال حقيقيون.. فلنتوقف عن جلدهم

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
د. أسامة أبو الرب

لا تكاد تفتح التلفاز أو تتصفح مواقع التواصل الاجتماعي حتى تسمع من يطلقون على أنفسهم اسم «التربويون»، يهاجمون الجيل الحالي، ويتهمون أبناء هذا الجيل بالكسل والضعف والتهاون وانعدام المسؤولية، وبالانحلال الأخلاقي والانحدار القيمي.

لست أدري هل الأمر مغروس في طبيعتنا البشرية، أن نعتز بجيلنا ونهاجم الجيل الذي يلينا، أم أن الأمر وسيلة دفاع، فنحن ندرك أن أبناءنا أحسن منا، ولذلك فإننا -في عقلنا الباطن وكوسيلة دفاعية- نهاجمهم خوفا من الاعتراف بالحقيقة.

يمكنني أن أقول وبثقة مطلقة، أن أبناءنا أبطال حقيقيون، وأنهم أقوى منا، وهم يعيشون مسؤوليات وتحديات غير مسبوقة، ولذلك فعلينا أن نشجعهم، لا أن «نكسر مجاديفهم».

عندما أتذكر أيامنا وأقارنها بواقع أبنائي اليوم، أكتشف كم كانت حياتنا أسهل. في أيامي كان جرس الطابور الصباحي يقرع على 7:40 دقيقة، ويستمر الطابور لعشرين دقيقة، ثم تبدأ الحصة الأولى في الثامنة.

المدرسة كانت قريبة، وكنا نستيقظ في السابعة أو بعدها حتى.

كان الدوام يستمر للواحدة وعشر دقائق إذا كان لدينا ست حصص، أو الثانية عشر وعشرين دقيقة، إذا كانت لدينا خمس حصص. كانت الحقيبة التي نحملها متوسطة الثقل، وبعد الصف التاسع استبدلناها بحمل مجموعة من الكتب، تحيطها «مطيطة»، في إشعار منا للعالم أننا أصبحنا شبابا ولم نعد تلاميذ صغارا نحمل حقيبة المدرسة!

أنظر إلى أبنائي اليوم، فأجد أنهم يستيقظون في الخامسة صباحا حتى يستعدوا، فالمدرسة تبدأ في السابعة، وهي ليست قريبة، فالباص الذي يأتيهم يصل في السادسة أو قبل، وفي بعض الأيام كانوا يخرجون حرفيا قبل شروق الشمس.

الدوام في المدرسة يستمر حتى 1:40، أما الحقيبة فهي ثقيلة، تنوء بها العصبة من الرجال -كمفاتيح قارون-، ولطالما تحدثت معهم متسائلاً عن مدى الحاجة لحمل هذه الكتب كلها، فكانوا يؤكدون لي ذلك، رغم أنها ثقيلة للغاية، حتى بالنسبة لي!

في المدرسة فإن أبناءنا عليهم أن يدرسوا اللغة العربية ويتقنوها، وإن لم يفعلوا فإنا نتهمهم بالانسلاخ من جذورهم! وعليهم أن يدرسوا اللغة الإنجليزية ويتقنوها، وإلا فإننا سنتهمهم بالكسل وعدم الاستعداد للمستقبل، الذي خطت سطوره -في هذا الزمن- بأحرف لغة شكسبير!

مساكين أطفالنا، عليهم أن يتقنوا اللغتين، وهو عبء كبير ذهني ونفسي. وويل لهم إن قصروا في أية مادة، فالقبولات الجامعية أصبحت أصعب، والعلامات في ارتفاع، والمنافسة تشتد.

أما العالم المفتوح فمصيبة أخرى، ففي أيامنا كنا نجهل الكثير عن كوارث هذا الكوكب، فلا انترنت، والتلفاز فيه محطة واحدة أو محطتان، فكنا في مأمن من الكثير من البشاعات التي لم نسمع بها إلا بعد أن كبرنا.

أما أطفالنا فكل شيء أمامهم، وهم مضطرون أن يعرفوا ويتعلموا عن هذا العالم بجرائمه وبشاعاته حتى يكونوا مستعدين، وحتى لا يقعوا فريسة له.

في خلفية انتقاد «التربويين» للجيل الجديد تجارة ضخمة، استشارات أسرية ودورات تربوية، لا يمكن أن يتم ترويجها وبيعها سوى عبر إفهامنا أن أطفالنا سيئون وأننا آباء أسوأ، ولذلك علينا أن نسجل في الدورة الفلانية مع المربي الفلاني حتى نتعلم التربية، ونربيهم!

التعميم خاطئ، والكثير من التربويين يقدمون رسالة حقيقة، ولكن هذا الطوفان من التهجم على الجيل الحالي أمر غير معقول، وهو في الحقيقة تجني وتحطيم لهم، وتجاهل فج للتحديات التي يعيشونها. أبناؤنا أفضل منا، كان الله في عونهم وعوننا فنحن جميعاً بأمس الحاجة إلى حفظه وتوفيقه سبحانه وتعالى أمام ما نواجه من تحديات.

@dr_osamarub

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF